معركة بوكافــــــر

لم تكن معارك بوكافر وليدة شهر فبراير 1933 بل خاتمة لعدة معارك خاضتها أيت عطا ضد القوات الفرنسية . فمنذ نهاية القرن 19 . بدات ايت عطا مجابهة الفرنسيين وهم داخل التراب الجزائرية حاليا ، حيت خاضوا معركة تين ميمون سنة 1899 ثم تلتها معركة بودنيب سنة 1908 . وبعدها جاءت المعركة الفاصلة التي انتصرت فيها القبائل العطاوية على الفرنسيين ، معركة البطحاء وتسمى كذلك معركة كاوز أو تغمرت ، بتاريخ 17 غشت 1918 حيث هزمت القوات الفرنسية شر هزيمة . وقتل عدد كبير من ضباطها وجنودها في يوم مشهود ،غنم خلالها ايت عطا عتاد ا عصريا لاول مرة ، وتسلحوا من خلال هذه المعركة بسلاح جديد لم يألفوه من قبل . ومن نتائج هذه المعركة : إقالة الجنرال دوري حاكم تافيلالت مباشرة من طرف الدولة الفرنسية واتخاذ قرارا انهزاميا بإخلائهم ، بصفة نهائية ، تافيلالت وتخومها لمدة تفوق 14 سنة ولم يعودوا إليها إلا في سنة 1933
ففي يناير 1933 قررت فرنسا تحت القائد الاعلى لقوات الاحتلال الفرنسي ، الجنرال هوري القضاء على المقاومة بجبل صاغرو واتخذت تنغيـــر مقرا لإدارة المعركة .
قسم القائد الاعلى القوات التي ستخوض المعارك إلى غربية تحت قيادة الجنرال كاترو وتتكون من 8000 رجل وشرقية بقيادة الجنرال جيرو وتحتوي على 9000 رجل . فضلا عن 44 طائرة حربية والمدفعية .
لقد كان عدد المقاومين الصاعدين الى صاغرو يقدر باقل من الفي مجاهد بعائلاتهم ومواشيهم .
كان اول هجوم شنته القوات الفرنسية قد انطلق يوم 13 فبراير 1933 وكانت تتقدمه القوات المرتزقة ثم القوات الصحراوية وقد منيت كلها بالهزيمة فخلفت مئات القتلى والجرحى : شهادة جورج سيبلمان :" لقد نظمت هجومات عديدة ضد هذه القلعة الطبيعية من طرف قوات اتية من جهتي الشرق والغرب وكلها منيت بالفشل بطريقة مأساوية ، وفقدنا أثنائها أربعة ضباط من القوات التابعة لمراكش وستة من التخوم المغربية الجزائرية ".
" لم يستطع الهجوم تحقيق هدفه لكون المقاومة كانت على أشدها ، ضارية ومنظمة كشفت عن وجود رئيس وعن تنظيم محكم طويل " Henri Bordeaux académie .
" لقد اصطدمنا ونحن في طريقنا الى مورد الماء بمقاومة عنيفة جدا منعتنا من اتمام مهمتنا فارتأينا ان لا فائدة في اضاعة جزء من الفرسان ووسائل النقل خصوصا وان منبع الماء يوجد ابعد مما كنا نتوقعه " Bournazel .
يقول D.M VIAL الطبيب ماجور " في ليلة 19 فبراير نصبنا مخيما مهلهلا نظرا لخطورة المنحدر الذي تهب عليه رياح عاتية تحول دون نصب الخيام بحيث يستحيل حماية الجرحى من البرد ونيران الاعشاب التي تجتاحها وتمزقها الرياح العاصفة ...الحجارة تتدحرج من شدة العواصف "
وفي 24 فبراير 1933 تعرض جبل بوكافــر لهجوم كاسح من جميع الجهات وانتهى في نهاره بفشل ذريع أصيب فيه اليوتنن كلونيل Chardon قائد منطقة ورزازات بجروح أثناء المعركة "
"Qu'est ce donc que ce Djbel Saghro ou devaient se livrer quelques -uns des plus durs et des plus couteux combats de toute la guerre du Mroc "
يقول الكاتب الفرسي : "وهذا المكان محصن بجدران طبيعية ، وفي ذلك المأوى الذي عملت الطبيعة على انتصاب تلك الجدران الصخرية اوى اليها المجاهدون : الف من البنادق بين أياد ماهرة ، ومعهم نساء أكثر منهم شراسة وإرادة واستعدادا للقتال ولأخذ مكان كل رجل استشهد في المعركة بل اكثر من ذلك يقمن بإذكاء حماس المقاومين عندما يساورهم التعب او يغالبهم النوم ويعارضن كل من يتحدث عن الاستسلام . وللدفاع عن النفس كان الاطفال والنساء يرمون بالحجارة من اعلى الجبل الذي يمدهم بهذا السلاح الطبيعي وكانت مواقعهم حصينة والبركة تضمن لهم ذلك "
اوتات أيعريمن اوتات ايرومين دوات غر دات هاتين ونايموتن كالجهاد إدا سلجنت ازريد العز إي آيتماس
ومعناه : اضربوا يا شباب اضربوا النصارى فان من استشهد في الجهاد دخل الجنة وترك العز لإخوانه
يقول هونري بوردو : "اذا انه يوم الهجوم صباح يوم 28 فبراير الجو بارد والسحاب يكاد يتساقط على جبل صاغرو والرياح اللتي تحركه تكشف في بعض اللحظات عن ثغرات تظهر منها زرقة السماء ، وقبل الساعة السابعة بدا القصف المزدوج بالمدفعية والطيران لكن الزوايا الميتة من كثرة الصخور تحمي المحاصرين وأضرار قذائف المدافع تصيب خاصة قطعان الماشية " ومن مركزه الإغاثي يحكي الطبيب الماجور فييال : "شن الهجوم الضخم المؤثر ، المنشقون يدافعون بأخر رمق ، مختبئون بإحكام خلف الصخور في مغاورهم حيث لا تدرك منهم المكبرة إلا العين والبندقية ، يطلقون الرصاص بدقة وبدون توقف ، والمكحلة موضوعة بإتقان وجنودنا يحصدون حصدا ، نساؤهم تسهرن على جمع المعزولين ، يوزعن الذخيرة ، يأخذن مكان القتلى ويقمن بدحرجة صخور ضخمة على المحاصرين حيث تزرع الموت حتى قعر الوادي " ....
وحينما أصيب الضابط بورنازيل بالرصاصات القاتلة وحاول الطبيب علاجه قال ( دعني احلق بنظراتي الاخيرة لهذا الجبل الذي أريقت فيه دماء أبناء فرنسا الحرة فأجابه الطبيب : الوقت ليست وقت كلام ، دعني لأعالجك .
بعد الهزيمة الكبرى والساحقة يوم 28 فبراير 1933 والتي قتل فيها بورنازيل وأكثر من 20 ضابطا وضابط صف اخرين في حين كان عدد القتلى في صفوف القوات المساعدة اكبر بكثير . قرر القائد العام هونري توقيف جميع العمليات القتالية واليكم شهادة هانري دوبردو : " قرر اللواء هونري الذي اخذ قيادة العمليات بعد مأساة 28 فبراير ان ينتقل من مرحلة الهجوم المباشر إلى مرحلة الحصار .
للذين يقولون إن قبائل ايت عطا انهزمت عليهم قراءة هذه الشهادات الصادرة في حينها من جنرالات فرنسا التي اعترفت بشجاعة أيت عطا ونبل مقصدهم . إنهم يدافعون في عقر دارهم ، يدافعون عن جبل صاغرو ملاذهم عبر التاريخ ، يدافعون عن حريتهم ،ولم يكنوا مستعدين للخضوع للمستعمر الفرنسي الخارجي الذي خبروه في معارك كبيرة وكثيرة منها تنميمون وبودنيب والبطحاء وملال وغيرها كثير .
للذين يقولون كذلك ، لماذا أصرت قبائل ايت عطا على مجابهة القوات الفرنسية وهي تعلم انها قوة جبارة ولها امكانيات جديدة مثل الطيران والمدفعية . لماذا تعنتهم ؟ أقول لهولاء ، إن ايت عطا أسسوا كفدراليتهم الاجتماعية والدفاعية منذ 1553 وطوال هذه القرون هكذا عاشوا شبه مستقلين في الجنوب الشرقي ، لهم روابط احترام دائم لآل البيت ( الشرفاء ). ولو كانت فكرة ترك كل معتد على الأوطان كونه سيغلب صائبة لما حارب الفيتناميون امريكا ولما حارب الجزائريون فرنسا لمدة 15 سنة لما حارب المصريون التتار والانجليز . الحرب تفرضها الظروف على الشعوب فرضا وأولها الدفاع عن النفس والعرض والأوطان خصوصا أن في بداية القرن العشرين لا وجود للسلطة المركزية في الجنوب الشرقي . فماذا على ايت عطا ان تفعل إلا محاربة المستعمر الذي جاءها من وراء البحار . لنكن موضوعيين ولا نتبع أهواء من لم تكن له مثل هذه البطولات التي منها معركة لهــري وبادوا وتزكزاوين وغيرها . أكل هذه القبائل أخطأت لانها حاربت فرنسا القوية في ديارها ؟
لائحة لعدد الشهداء معركة بوكافر ممن حملوا السلاح حسب أخماس ايت عطا
خمس ايت اعزا ايت خليفة ايت الفرسي 400
خمس ايت وحليم : ايت زمرو وايت حسو 650
خمس ايت ولال 70
خمس ايت انبكي 26
خمس ايت اسفول 50
املوان 25
الشرفاء بتزارين 15
الشرفاء بامان نقدار 15
= 251 1 مجاهد
إحصاءات من كتاب : الكفاح المسلح ضد الفرنسيين من 1980 - 1934 لمجموعة من المؤرخين .
صـالـــح بقـــاس

Commentaires

Articles les plus consultés